مصدر الفتوى :
فتاوى المسجد الحرام - رمضان 1437
السؤال :

يقول كيف نجمع بين حديث كل أمتي معافى إلا المجاهرين وحديث إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها؟

الإجابة

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ; لا معارض بينهما؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها»(1)، وقال بذلك الحديث؛ «كل أمتي معافى إلا المجاهرين»(2)، هذا الحديث"إذا خلوا بمحارم الله" هذه رواية ثوبان عند ابن ماجه وسنده لا بأس به ، ولاشك أن حديث«كل أمتي معافى إلا المجاهرين» في الصحيحين عن أبي هريرة ولا يمكن أن يعارض بحديث ثوبان فهو أصح منه، لكن مع ذلك فالحديث لا يعارضه، حديث جيد. ويحتمل إذا قال: إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها؛ أنه ليس معنى الخلوة أنه وحده، لكن قال أنه –عليه الصلاة والسلام- قال:ذكر أقوامًا،«إن أناس من أمتي يأتون بحسنات أمثال الجبال، ويأتي وقد شتم هذا»، نعم إن أقوام من أمتي يأتون بحسنات أمثال الجبال، فإذا خلوا بمحارم الله، نعم يأتي وقد شتم هذا، «فقال ثوبان: يا رسول الله صفهم لنا، جلهم لنا، قال: هم قوم منكم يأخذون من الليل كما تأخذون، لكنهم إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها»، وهذا الجمع مجتمعون على محارم الله ومتفقون عليها، ومتأمرون عليها وهذا أبلغ، ربما يكون أبلغ من المجاهرة؛ لأن المجاهر الذي أظهرها وكان بعد ذلك خارج عن ستر الله، مستتر ثم أظهرها جاهرا، لكن هذا جاهر مع غيره مع  الممالهة والاتفاق. مثل ما يخلوا مثلًا أناس في استراحة وهم جماعة فيجتمعون على أمور من الخمور، أو أمور من الزنا هؤلاء لا حرمة لهم، بخلاف الذي في بيت مثلًا فيبيت جاره، لكن حينما يتبع قوم ويتبعون في دار ويخلون بمحارم يكون بينهم بالزنا مثلًا، والفواحش مع النساء، أو خمور؛خلوا بمحارم الله وهم جماعة فانتهكوها، وهذا أبلغ بالفساد والشر من جهة الممالهة، واتخاذ محلات لهذه المعاصي، فلهذا كان الجرم عظيمًا من هذا الجنب. بخلاف من استتر بنفسه وحده في داره، ومثل هذا في الغالب لا يقوم بالانتهاك، قد انتهكوها أو يكون أيضًا جواب آخر إذا قيل أنه مثلًا وحده، لكن لا يبالي انتهكها، أقدم بقلب ليس فيه أي حرمة، جراءة عظيمة وليس فيها خوف ولا مبالاة ولو كان وحده، فمثل هذا حري به ألا يستتر بها، وحري بها أن يظهرها بخلاف من استتر مع الخوف والخشية أو الحياء، إن لم يكن خوفًا من الله هم يخجلون من الناس أيضًا هذا نوع أيضًا حياء، فمن أجمل الستر من استحي الناس حري أيضًا أن يجره إلى الحياء من الله –عز وجل-؛ لأنه عنده شيء مما يردعه فهذا يبين أنه لا تعارض ولله الحمد.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1)أخرجه ابن ماجة (4245)، والطبراني في "الأوسط" (4632)، وفي "الصغير" (662)، وفي "مسند الشاميين" (680)، (2)أخرجه البخاري (6069) ، ومسلم (2990).


التعليقات