مصدر الفتوى :
فتاوى المسجد الحرام - رمضان 1436
السؤال :

أحسن الله إليكم، هذا السائل يقول: السلام عليكم فضيلة الشيخ، قرأت حديثًا عن ذنوب الخلوات، وحديثٌ آخر عن الجهر بالمعصية، هل يعني أن الإنسان إذا وقع في المعصية إذا سترها فإنها ستكون ذنوب الخلوات وإذا أخرجها كانت جهرًا؟.

الإجابة

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ; هذا حديث ثوبان لكن في خصوص هذا اللفظ، أما حديث ثوبان هذا معروف رواه ابن ماجة بإسنادٍ صحيح، أنه عليه الصلاة والسلام قال: "لأعرفن أقوامٌ يأتون بحسناتٍ أمثال جبال تهامة بيضاء، يجعلها الله هباءً منثورًا، قالوا: من هم يا رسول الله، صفهم لنا، جنهم لنا، قال: هم قومٌ من جلدتنا، يأخذون من الليل كما تأخذون، وكانوا إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها"(1)، إن كان هذا هو المراد فهذا ورد في المحارم المنتهكة لا ذنوب الخلوات، هذا غير، ذنوب الخلوات إن كانت الخلوات الذنوب الصغيرة هذه لها حكم، فهذه الذنوب مثل ما جاء في حديث عائشة وابن مسعود أنه: "مثل الذنوب مثل قومٍ كانوا في أرضٍ برية فأرادوا أن يطبخ طعامهم، فجاء هذا بعود، وجاء هذا بعود حتى جمعوا حطبًا كثيرًا وأوقدوا نارًا عظيمةً وأنضجوا طعامهم"(2)، وهكذا الذنوب متى تجتمع على صاحبها تهلكه وهذا عن ابن مسعود ومن حديث عائشة: أنه عليه الصلاة والسلام قال لها ما معناه:" إِيَّاكِ وَمُحَقَّرَاتِ الْأَعْمَالِ، فَإِنَّ لَهَا مِنْ اللَّهِ طَالِبًا"(3) ، هذه لا شك أنها ذنوب خلوات، يعني الذنوب الصغائر، إذا كان هو المراد فحينما يخلو الإنسان بهذه الذنوب مع الخوف والرجاء فهو قريبٌ من التوبة قريبٌ من الإنابة، لكن هذا الحديث يظهر والله أعلم، قال: "إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها"، هذا انتهاك، وهذا هو العمل الذي وصل إلى درجة إحباط هذه الأعمال، ذنوب عظيمة في ما يظهر والله أعلم، جاء من حديثٍ آخر عن أبي هريرة في الصحيحين: " كُلُّ أُمَّتِي مُعَافًى إِلَّا المُجَاهِرِينَ، وَإِنَّ مِنَ المُجَاهَرَةِ أَنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ عَمَلًا، ثُمَّ يُصْبِحَ وَقَدْ سَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ، فَيَقُولَ: يَا فُلاَنُ، عَمِلْتُ البَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا، وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ، وَيُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللَّهِ عَنْهُ"(4)، هذا ورد في الذنوب التي يستره ربه سبحانه وتعالى ثم يجاهر، فإذا جهر بها خرجت من حد ذنوب الخلوات وكانت أعظم، وقد تكون صغيرة لكن مع عدم المبالاة صارت كبيرة، وسبق الإشارة إلى شيءٍ من هذا.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1)أخرجه الترمذي (3624)،وابن ماجة(4245) والنسائي في "الكبرى" (10179) وهو في "مسند أحمد" (7952)، و"صحيح ابن حبان" (935). (2) وهو في "مسند أحمد" (3627)، والطيالسي في "مسنده" (400) ، وأبو الشيخ في "الأمثال" (319) ، والبيهقي في "الشعب" (285) . و الطبراني في "الكبير" (10500) وفي "الأوسط" (2550).
(3)عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ لِي النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "إِيَّاكِ وَمُحَقَّرَاتِ الْأَعْمَالِ، فَإِنَّ لَهَا مِنْ اللَّهِ طَالِبًا" أخرجه ابن ماجة (4243) والنسائي في "الكبرى" (11811) وهو في "مسند أحمد" (24415)، و "شرح مشكل الآثار" (4006) و"صحيح ابن حبان" (5568). (4) أخرجه البخاري رقم (6069). ومسلم (2990).


التعليقات