مصدر الفتوى :
فتاوى برنامج يستفتونك - قناة الرسالة
السؤال :

الأخ رشيد من أسبانيا، يقول: ينوون بناء مسجد، وهناك من تكفل لهم ببنائه، لكن تبين لهم بعد ذلك أن أموال الشخص من متجرٍ عنده يبيع فيه بعض الخمور هل نقبل هذه المبالغ لبناء المسجد ؟

الإجابة

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ; الأصل أن بناء المساجد ينبغي أن تبنى من المال الطيب، بل كل النفقات، وكل الصدقات المشروعة أن تكون من المال الطيب، إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا، لكن إذا كان هذا المال انتقل إلى يدٍ أخرى، وتتولى هذا المال في إنفاقه فقد يحصل له تغيرٌ في ذاته لتبدل الصفة من جهة انتقاله إلى شخص أخر، لأنهم هم الذين يريدون هذا الشيء، وهم بحاجته، لكن الأصل أن المساجد لا تبنى إلا من مالٍ طيب هذا هو الأصل، فإن أمكن أن يبنى من مال خالص بعيد من الحرام من الخمور ونحو ذلك فهذا هو الواجب، ما أمكن فينظر إن كان يمكن أن يجتمعوا في مكان بدون أن يبنى بهذا المال كان هو المتعين، لم يجدوا طريقًا أو لم يجدوا مكانًا يجتمعون فيه، ولم يتيسر لهم مال إلا مثل هذا المال فقد يكون لهم عذر في أخذ هذا المال خاصةً هم الذين رغبوا ليس هو الذي يريد أن يتصدق بهذا المال، وهو مالٌ خبيث، فهذا المال الخبيث له طرق في تطهيره، وتطيبه، لكن إذا كان هم أرادوا هذا الشيء، وهم طلبوه، فقد ينزل بمنزلة تبدل الذوات إذا تبدلت الذات تبدلت الصفات وهذه من قواعد أهل العلم، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: في حديث عائشة لما أُهْدِيَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَحْمٌ، فَقَالُوا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هَذَا مَا تُصُدِّقَ بِهِ عَلَى بَرِيرَةَ. فقال عليه الصلاة والسلام: «هو لها صدقة، ولنا هدية»(1)، يعني النبي -عليه الصلاة والسلام- أرسلها فكانت صدقة؛ ثم هي أرسلتها إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- هدية، فتبدل الذوات يجعلها تتبدل صفاتها، فتبدلت الصفة لهذا اللحم الذي كان صدقة في أول الأمر فانتقل وكان هديةً بعد ذلك، وهو عينُ واحدة، هذه المسالة هل هي من فروعها؟ محتمل والله أعلم، واللي يظهر والله أعلم إن كان هم الذين طلبوا، وهم الذين رغبوا، فيشبه المال الذي أهداه إليهم، وأعطاه لهم فأخذوه، ونعلم أن الهدية حينما تأتي من مالٍ ليس بطيب لكن ليس مال مأخوذ على جهة الغصب، وليس مال مسروق، إنما الخبث من جهة وصفه، ففي هذه الحال لا بأس بقبول هدية القريب، والصديق، ولو كان ماله ليس طيبًا هذا على الصحيح يجوز التعامل معه، يجوز أن تقبل هديته، يجوز أن تأكل طعامه، وأدلة هذا كثيرة في السنة يعني، أدلته كثيرة ومعلومة. وعلى هذا ينزل قبولهم هذا المال مادام أنهم الذي طلبوه، والذي احتاجوه، على هذا الوجه ما يظهر والله أعلم هذا إذا تعين طريقًا ولم يجدوا طريقًا أخر في بناء المسجد.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1)أخرجه البخاري (2577) ، ومسلم (1075) (173) ،


التعليقات